responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 236
عَلِمْتَ أَنَّ وُقُوعَ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ أَكْثَرَ فِي أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ لَا يَقْتَضِي قَصْرَ إِطْلَاقِهِ عَلَى مَا غَلَبَ إِطْلَاقُهُ فِيهِ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ يَمُدُّونَهُمْ- بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ- تَقْتَضِي أَنْ يُعَدَّى فِعْلُ يَمُدُّونَهُمْ إِلَى الْمَفْعُولِ بِاللَّامِ، يُقَالُ مَدَّ لَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَثُرَتْ تَعْدِيَتُهُ بِنَفْسِهِ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [15] .
وَالْغَيُّ الضَّلَالُ وَقَدْ تَقَدَّمَ آنِفًا.
وَ (فِي) مِنْ قَوْلِهِ: يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ عَلَى قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَأَبِي جَعْفَرٍ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ بِتَشْبِيهِ الْغَيِّ بِمَكَانِ الْمُحَارِبَةِ، وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَالْمَعْنَى: وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَ لَهُمْ فِي الْغَيِّ مِنْ مَدٍّ لِلْبَعِيرِ فِي الطُّولِ.
أَيْ يُطِيلُونَ لَهُمُ الْحَبَلَ فِي الْغَيِّ، تَشْبِيهًا لِحَالِ أَهْلِ الْغِوَايَةِ وَازْدِيَادِهِمْ فِيهَا بِحَالِ النَّعَمِ الْمُطَالِ لَهَا الطُّولُ فِي الْمَرْعَى وَهُوَ الْغَيُّ، وَهُوَ تَمْثِيلٌ صَالِحٌ لِاعْتِبَارِ تَفْرِيقِ التَّشْبِيهِ فِي
أَجْزَاءِ الْهَيْئَةِ الْمُرَكَّبَةِ، وَهُوَ أَعْلَى أَحْوَالِ التَّمْثِيلِ وَيَقْرُبُ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ قَوْلُ طَرَفَةَ:
لَعَمْرُكَ إِنَّ الْمَوْتَ مَا أَخَطَأَ الْفَتَى ... لَكَالطِّوَلِ الْمُرْخَى وَثُنْيَاهُ بِالْيَدِ
وَعَلَيْهِ جَرَى قَوْلُهُمْ: مَدَّ اللَّهُ لِفُلَانٍ فِي عُمُرِهِ، أَوْ فِي أَجَلِهِ، أَوْ فِي حَيَاتِهِ وَالْإِقْصَارُ الْإِمْسَاكُ عَنِ الْفِعْلِ مَعَ قُدْرَةِ الْمُمْسِكِ عَلَى أَنْ يَزِيدَ.
وثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الرُّتْبِيِّ أَيْ وَأَعْظَمُ مِنَ الْإِمْدَادِ لَهُمْ فِي الْغَيِّ أَنَّهُمْ لَا يَأْلُونَهُمْ جُهْدًا فِي الِازْدِيَادِ مِنَ الْإِغْوَاءِ، فَلِذَلِكَ تَجِدُ إِخْوَانَهُمْ أَكْبَرَ الْغَاوِينَ.
[203]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 203]
وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)
وَإِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قالُوا لَوْلا اجْتَبَيْتَها قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ مَا يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي.
مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ [الْأَعْرَاف: 199] وَالْمُنَاسَبَةُ أَنَّ مَقَالَتَهُمْ هَذِهِ مِنْ جَهَالَتِهِمْ وَالْآيَةُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا خَارِقُ الْعَادَةِ أَيْ هُمْ لَا يَقْنَعُونَ بِمُعْجِزَةِ الْقُرْآنِ فَيَسْأَلُونَ آيَاتٍ كَمَا يَشَاءُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ (فَجِّرْ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا) وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي شَرَحْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 236
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست